1) النصوص:
من الآية 8 إلى الآية 12 من سورة الفتح .
﴿ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾
إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴿8﴾ لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴿9﴾ إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّـهَ يَدُ اللَّـهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّـهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴿10﴾ سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّـهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴿11﴾ بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا ﴿12﴾
2) الشروح:
أرسلناك : بعثناك .
شاهدا : أي تشهد على من آمن وعلى من كفر من الناس .
مبشرا : مخبرا الطائعين بجنات النعيم .
نذيرا : محذرا ومخوفا العاصين من عذاب النار
تعزروه : تعظموه و تفخموه .
توقروه : تحترموه وتجلوه .
بكرة : أول النهار .
أصيلا : آخر النهار .
إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله : البيعة تعني الميثاق و العهد على الطاعة والولاء ، والمراد بها هنا" بيعة الرضوان"أي الذين يبايعونك يا محمد في الحديبية" بيعة الرضوان"إنما يبايعون في الحقيقة الله.
يد الله فوق أيديهم : أي كان الله حاضرا معهم يسمع أقوالهم ويعلم أسرارهم .
فمن نكث : فمن نقض البيعة والعهد .
ينكث على نفسه: يحرم نفسه من الأجر بنقضه العهد .
المخلفون من الأعراب : جماعة من المنافقين من أعراب المدينة امتنعوا عن صحبة الرسول صلى الله عليه وسلم في عمرة الحديبية .
فاستغفر لنا : أطلب لنا المغفرة .
يقولون بألسنهم ما ليس في قلوبهم : يقولون خلاف ما يبطنون وما يخفون .
إن أراد بكم ضرا : أي أن يلحق بكم أمرا يضركم كالهزيمة .
لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا : أي ظنوا أن محمدا وأصحابه لن يرجعوا أحياء إلى المدينة أبدا .
زين ذلك في قلوبكم : زين ذلك الضلال في قلوبكم .
ظن السوء : الظن السيئ .
قوما بورا : قوما هالكين لا خير فيهم عند الله، مستوجبين لسخطه وعقابه.
3) المعاني الأساسية للآيات :
الآيـة: 8 بيانـه سبحانه وتعالى وظائف رسول الله صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي:
ـ شاهــــد علي أمته يوم القـيامة ـ مبشر المؤمنين في الدنيا بالجنة ـ ومخوِّفا المشركين و المكذبين بدخول جهنم يوم القيامة
الآيـة: 9 وجوب نصرة و احترام الرسول صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع تعظيمه، مع وجوب الإيمان بالله ورسوله وتسبيحه في كل وقت وحين
الآيـة: 10 بيانه سبحانه وتعالى أن بيعة الرسول صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تساوي بيعة الله عز وجـل لأنه ه خليفته في الأرض لقوله تعالى (من يطع الرسول فقد أطاع الله )
الآيـة:11 فضح وكشف الله عز وجل الفئة المنافـقـة لنبيـه الكريـم
الآيـة:12 بيانه سبحانه وتعالى نوايا المنافقين مع بيان ظنهم السيئ برسول الله صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمؤمنين بأنهم سيموتون جميعا ولا يرجع منهم أحدا إلى أهليهـم أبدا
4) المستفاد من الآيات:
لا يقبل الله تعالى التوبة من عباده حتى يتراجعوا عن ذنوبهم ويصدقوا في توبتهم.
5) التفسير:
الآية 8 - إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا
إنا أرسلناك أيها الرسول شاهداً على أمتك بالبلاغ، مبيناً لهم ما أرسلناك به إليهم، ومبشراً لمن أطاعك بالجنة، ونذيراً لمن عصاك بالعقاب العاجل والآجل.
الآية 9 - لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا
لتؤمنوا بالله ورسوله، وتنصروا الله بنصر دينه، وتعظموا الله، وتسبحوه أول النهار وآخره.
الآية 10 إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّـهَ يَدُ اللَّـهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّـهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا
- إن الذين يبايعونك أيها النبي بالحديبية على القتال إنما يبايعون الله، ويعقدون العقد معه ابتغاء جنته ورضوانه، يد الله فوق أيديهم، فهو معهم يسمع أقوالهم، ويرى مكانهم، ويعلم ضمائرهم وظواهرهم، فمن نقض بيعته فإنما يعود وبال ذلك على نفسه، ومن أوفى بما عاهد الله عليه من الصبر عند لقاء العدو في سبيل الله ونصرة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فسيعطيه الله ثواباً جزيلا وهو الجنة. وفي الآية إثبات صفة اليد لله تعالى بما يليق به سبحانه، دون تشبيه ولا تكييف.
الآية 11 - سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّـهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
سيقول لك أيها النبي الذين تخلَّفوا من الأعراب عن الخروج معك إلى مكة إذا عاتبتهم: شغلتنا أموالنا وأهلونا، فاسأل ربك أن يغفر لنا تخلُّفنا، يقولون ذلك بألسنتهم، ولا حقيقة له في قلوبهم، قل لهم: فمن يملك لكم من الله شيئاً إن أراد بكم شراً أو خيراً؟ ليس الأمر كما ظن هؤلاء المنافقون أن الله لا يعلم ما انطوت عليه بواطنهم من النفاق، بل إنه سبحانه كان بما يعملون خبيراً، لا يخفى عليه شيء من أعمال خلقه.
الآية 12 - بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا
وليس الأمر كما زعمتم من انشغالكم بالأموال والأهل، بل إنكم ظننتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من أصحابه سيَهْلكون، ولا يَرْجعون إليكم أبداً، وحسَّن الشيطان ذلك في قلوبكم، وظننتم ظناً سيئاً أن الله لن ينصر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم وأصحابه على أعدائهم، وكنتم قوماً هَلْكى لا خير فيكم.
إرسال تعليق